"مهرجان أفلام الطلاب": شباب يحكون أنفسهم ووطنهم بالصورة



لين هاشم
ذات مرة، قال المخرج والمنتج والممثل الفرنسي جان لوك جودار «ان الفيلم هو أشبه بالمذكرات الشخصية، أو المونولوج الذي يقدمه الشخص في محاولة لتبرير نفسه أمام الكاميرا». هذه المقولة، أثبتتها مجموعة من الطلاب من خلال أفلام قصيرة، عرضت في إطار مهرجان أفلام الطلاب السابع، الذي استضافته سينما «صوفيل» في الأشرفية، على امتداد ثلاثة أيام، من 13 حتى 15 من الشهر الجاري. الجهة المنظمة هي ذاتها للسنة السابعة على التوالي: «نادي لكل الناس»، وهي جمعية ثقافية تعمل على تنظيم النشاطات والأحداث الثقافية على أنواعها، وتهتم بنتاج الشباب المثقف والمبدع على النطاق المحلي والعربي والعالمي. ويغطي نشاطها مختلف المناطق اللبنانية ليصل الى الأرياف. وبما أن المؤسسات الحكومية المعنية بالشأن الثقافي مستقيلة من دورها، تحرص جمعية «نادي لكل الناس» على دعم الإنتاج السينمائي المحلي والمحافظة على ارثه، من خلال تكريم السينمائيين الكبار، أمثال برهان علوية ومارون بغدادي ومي المصري، كريستيان غازي، وجان شمعون، وطباعة أفلامهم على أقراص مدمجة. على مدى ثلاثة أيام، تنافس 21 شابا وشابة في 21 فيلما من إخراجهم، حكت قضاياهم وأفكارهم ورؤاهم وهواجسهم. فعبر كل على طريقته الخاصة وبتقنيات متنوعة، عن الهجرة التي تنهش الوطن، والذكريات المؤلمة عن أحباء مفقودين، وبيروت الغارقة في ظلامها والتي باتت مقسمة الى ثلاث «بيروتات»، وغيرها من الحكايات. وبالإضافة إلى الأفلام اللبنانية المتنافسة، حلت أفلام طلابية من مصر والجزائر وتونس وسوريا، ضيفة شرف، وقد تدخل العام المقبل دائرة المنافسة بدورها. المشاركات هذا العام جاءت من جامعة القديس يوسف، جامعة الروح القدس الكسليك، الجامعة اللبنانية (3 أفلام)، جامعة البلمند، معهد الكفاءات، جامعة سيدة اللويزة (3 أفلام لكل جامعة)، الجامعة اللبنانية الأميركية (فيلمان)، والجامعة اللبنانية الدولية (فيلم واحد) . وبحسب اختيار اللجنة الحكم، حل فيلما «رسالة الى أختي» و«حب ينتظر» في المركز الأول، وفيلم «نعيما» في المركز الثاني. أما جائزة الجمهور، فذهبت لفيلم «لبنات». وتألفت لجنة الحجم من سينمائيين وأكاديميين أضفوا جوا من المهنية والاحتراف على المنافسة، وهم: المخرج السوري أسامة محمد، والمخرج اللبناني جان شمعون، والسينمائي اللبناني جوزيف بو نصار، والمخرجة اللبنانية سينتيا شقير، والمخرج التونسي أسعد الجاموسي. أخت تائهة.. وحب ينتظر فيلم «رسالة إلى أختي» (سليم مراد، جامعة القديس يوسف، 24 دقيقة) صاحب المركز الأول هو رسالة يوجهها المخرج سليم مراد الى أخته المتوفاة منذ صغرها نتيجة مرض أصيبت به، والتي كان يجهل بوجودها، إلى أن وقعت بين يديه صورة لها وهو في التاسعة من العمر. في الرسالة، يخبر سليم أخته عنه وعن حياته وكيف يقضي أوقاته، وعن والديهما، ويشكو لها مخاوفه وهواجسه ووحدته، في قالب حواري وجداني مؤثر. كما يلقي الفيلم الضوء على سلوك سائد في العائلات التي تفقد أحد أطفالها، فتعمد الى طمس الذكرى كلياً والهرب من الحديث عنها، وتحويل كل شحنات العاطفة والاهتمام الى الطفل المتبقي على قيد الحياة، ما يخلق لديه شعورا بأنه «طفل بطفلين»، وأنه مطالب بلعب دورين، دوره ودور الطفل المفقود. «حب ينتظر» (زياد شحود، جامعة البلمند، 23 دقيقة) الذي تقاسم المركز الأول مع «رسالة الى أختي»، تميّز بالأسلوب المتقن الذي أدار به زياد شحود ممثلي الفيلم، وبسيناريو عالي الحرفية، وبمونتاج مميز نجح المخرج في استغلاله لإيصال مؤدى المَشاهد مع التأثيرات النفسية المطلوبة عند المُشاهد. ويتناول الفيلم حياة رجل عاد الى لبنان من المهجر، وهو ينتظر بشغف أن يعيش قصة حب مستحيلة، لكنه يواجه صعوبات في بناء العلاقات مع الآخرين، فيعمد الى التأجيل المستمر لخوض تجربة الحب هذه. أما فيلم المركز الثاني «نعيما» (سليم صدقة، معهد الكفاءات، 10 دقائق)، فعبارة عن لقطة واحدة لشاب يبحث سدى في المحلات عن «صرافة» مئة ألف ليرة، مختصرا في مشاهداته يوميات الشارع اللبناني وطبيعته، الى أن ينتهي به الأمر الى متسول في نهاية الشارع، يحقق له مبتغاه. عام 2012، تم جلاء آخر رجل لبناني عن الأراضي اللبنانية. حول هذه الفكرة، يدور فيلم «لبنات» (نرمين حداد، جامعة القديس يوسف، 22 دقيقة) الذي حصد جائزة الجمهور، ليسرد قصة هدى وسلوى وسنا ولارا اللواتي ينتظرن عودة سامر، كل على طريقتها، حتى إعلان عودة أول رجل لبناني الى الأراضي اللبنانية! غياب الدعم الرسمي يقول المنسق في «نادي لكل الناس» نجا الأشقر، إن المهرجان هذا العام لقي إقبالا أكثر من السنوات الماضية، وحظي باهتمام إعلامي محلي وعربي، سواء لجهة الدعم أو التغطية. لكن المؤسف هو غياب الدعم الرسمي الذي يفترض بوزارة الثقافة تقديمه لرعاية وتشجيع المواهب الشابة. فالدعم الرسمي، بحسب الأشقر، اقتصر على تسهيل حضور الضيوف العرب الى لبنان، فيما الدعم الأساسي أي الدعم المادي، شبه معدوم. ويشير الأشقر الى أن بعض وزراء الثقافة على امتداد السنوات الماضية، قد وقعوا على مساعدات لدعم النادي، لكنها كانت تذهب الى أماكن أخرى، ربما بسبب المحاصصات الطائفية. لذلك، قرر النادي تحمّل مسؤولية تمويل نفسه بنفسه، من خلال ما يقدمه جمهور النادي وأصدقاؤه من المخرجين والفنانين. ويتحدث الأشقر عن مشروع يتم الإعداد له بالتعاون مع «المؤسسة العربية للديموقراطية» في تونس، هو عبارة عن «توأمة سينمائية»، أي اختيار موضوع معين يتم تصويره وإخراجه بعدسات طلاب لبنانيين وتونسيين، كل من منظاره الخاص، ثم يجري عرض الأفلام المصورة في كل من تونس وبيروت. كذلك، ستشارك أفلام عربية في «مهرجان أفلام الطلاب» العام المقبل، كمتسابقين لا كضيوف شرف. ومن مشاريع النادي بحسب الأشقر، إعادة طباعة أفلام المخرج الراحل مارون بغدادي في نهاية العام 2009
تكريما له في الذكرى الخامسة عشرة لرحيله.
جريدة السفير - عدد 20-5-2009 - صفحة شباب

0 comments:

Post a Comment




جمال العالم برهان على أن الله أنثى

اسمي جنوبية

Lebanon
معجوقة بمشروع التخرج